مقالة: الإعلام المتحيز والجين المثلي صعب المنال

ولا يزال الجين المثلي مفقود



- بيل مولنبرغ

إليك قاعدة تركز نفسك عليها، لا تصدق أي شيء يكتبه الإعلام. وخاصة أي شيء يأتي من الإعلام السائد اليوم بتحيزاته العلمانية واليسارية الحادة في أغلب القضايا السياسية والدينية والثقافية. كذلك يجب أن نكون منتبهين وواعين من العناوين المضللة والتي تكذب من طرف خفي.

هناك أخبار يمكن حرف محتواها فقط بكتابة عنوان مضلل، وهذا للأسف ما نراه يحصل في كل مرة. ألق نظرة على خبر جديد له صدى في الإعلام، وبناء على العناوين المختلفة التي تغطي الخبر، ستظن أنها أخبار متفرقة تغطي نقاط مختلفة حول القضية، ولكنها في الحقيقة هي تناقش الموضوع نفسه.

ألقي نظرة على عناوين هذه الأخبار الخمسة الحديثة والتي كلها تتحدث عن نفس الحدث:

"اكتشاف جينات مرتبطة بالميول الجنسية المثلية في دراسة ضخمة" :

https://qctimes.com/news/national/new-genetic-links-to-same-sex-sexuality-found-in-huge/article_6aa2c794-b80a-551f-9792-a15ef2f9843f.html

"دراسة رائدة تكتشف روابط جينية للميول المثلية" :

https://www.wsj.com/articles/research-finds-genetic-links-to-same-sex-behavior-11567101661

 من قراءة هذين العنوانين يبدو للشخص أن هنالك حقيقة واحدة وهي أن الجين المثلي وجود بإثبات الدراسة، ولكن بعد التعمق في قراءة المقالة ستكتشف ما يعاكس ذلك، لنلقي الان نظرة على ثلاث عناوين آخر:

" لا يوجد أي جين مرتبط بكون الإنسان مثلي" :

www.bbc.com/news/health-49484490

"علماء هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتقنية: لا يوجد جين مثلي:

www.afa.net/the-stand/culture/2019/08/harvard-and-mit-scientists-there-is-no-gay-gene/

لا يوجد هناك جين مثلي، ولكن الدراسة وجدت روابط للسلوكيات الجنسية"

news.yahoo.com/no-gay-gene-study-finds-180220669.html

 

كما نرى، تقع حقيقة المقال تحت رحمة الأيدي التي تنسج توجهه وعنوانه، فالعناوين الثلاثة الأخيرة تقدم وجهة نظر مختلفة تماماً عن العنوانين الأولين. دعوني أخذ عدة دقائق على الأقل لأشرح القصة الحقيقية خلف هذه العناوين.

 

قام فريق دولي من الباحثين بدراسة نص مليون شخص تقريباً (470000 شخص) ليروا ما إن كانت السمات الجينية لها علاقة في السلوك الجنسي المثلي. نُشرت هذه الدراسة في نسخة الثلاثين من شهر أغسطس 2019 من مجلة العلوم وكانت معنونة "كيف تؤثر الجينات على السلوك الجنسي المثلي؟"

 

قم بتأمل هذه النتيجة الرئيسية التي توصل لها الباحثين: " على الرغم من أنهم وجدوا مكان جيني في الكروموسوم مرتبط بالسلوك الجنسي المثلي إلا أنهم عندما قاموا بدمج نتائج هذه الأماكن الجينية في سجل واحد شامل وجدوا أن التأثير صغير جدا (أقل من 1%) ويعني أن هذا السجل الجيني لا يمكن وبأي شكل أن يُستعمل لتنبئ أي سلوك جنسي مثلي عند أي شخص.

انتهت المقالة بالجملة الآتية: " ويجب على الدراسات القادمة معرفة مدى تأثير العوامل البيئية على الاستعدادات الجينية لدى الشخص، بناء على ما اظهرته هذه الدراسة من الحاجة للمزيد من الدراسات الاجتماعية الوراثية متعددة الحقول."

science.sciencemag.org/content/365/6456/869

 

بناء على ما ذكرناه دعوني أقدم أعرض لكم ثلاث اقتباسات من مقالة البي بي سي المذكورة سلفاً. بن نيل الأستاذ المساعد في وحدة علوم الوراثة التحليلية والانتقالية في مستشفى ماساتشوستس العام قال:" لا وجود لأي جين مثلي، والاختبارات الجينية التي تحدد ما إن كان لديك توجه جنسي مثلي غير قابلة للتطبيق. بل إنه من المستحيل توقع سلوك الفرد الجنسي من خلال جيناته."

 

ويلخص الأمر الأستاذ الفخري في قسم الدراسات الوراثية في كلية لندن الجامعية ديفيد كيرتس على هذا النحو: "هذه الدراسة توضح أنه لا يوجد هناك جين مثلي، حيث لا يوجد هناك متغير جيني عند البشر له تأثير صريح بالتوجه الجنسي."

 

حتى أن بعض المجموعات المثلية اعترفت بذلك، يقول زيكي ستوكس من منظمة جلاد GLAAD المؤيدة للمثلية: "هذه الدراسة الجديدة تعيد تأكيد المفهوم القديم بعدم وجود تأثير قاطع من الطبيعة أو النشأة على سلوك الشخص المثلي."

 

كل هذا يتوافق مع ما كان يقال منذ عقود، بغض النظر عما يحاول قوله لك العديد من الناشطين المثليين وداعميهم المتملقين من وسائل الإعلام الشائعة، السلوكيات المثلية ليست ناتجة عن جيناتك. وهذا ما كان يقول به العديد من المؤسسات العلمية لسنين مضت.

 

على سبيل المثال، قبل ثلاثة سنين عبّر أستاذ الامتياز المكلف في الطب النفسي بول أر ماكهيو من جامعة جونز هوبكنز بقوله: "لا وجود للجين المثلي"

https://www.cnsnews.com/blog/michael-w-chapman/johns-hopkins-psychiatrist-there-no-gay-gene

 

اقتبست ملاحظات لعدد من الخبراء لمثل هذه القضية في كتابي الصادر عام 2011 والمعنون علاقات متوترة، دعوني أقدم إحدى الاقتباسات من الكتاب:

يصر النشطاء المثلين على أن المثلية تحصل بسبب الجينات، ولا نملك أي خيار آخر لتغيرها.  ولكن العلم ينحى منحاً آخر. وشخص ما يعرف تماماً معنى ذلك بسبب تخصصه هو ريتشارد دوكنز، البروفيسور في أكسفورد ومؤلف كتاب الجين الأناني. يجادل دوكنز بقوله " المفهوم القائل بالحتمية الجينية للإنسان يجب دفنه". ويكمل قوله " سواء كنت تكره المثليين أو تحبهم، أو سواء تريد حبسهم جميعاً أو مداواتهم، يجب على دوافعك هذه قطع علاقتها بالجينات. ومن الأفضل الإقرار بمشاعرك المتحيزة على أن تقحم الجينات فيما لا علاقة لها به".

 

وبالفعل، أصبح العديد من العلماء المرتبطين بالبحوث الجينية أكثر قناعة ببطلان الحتمية الجينية. الأستاذ الموقر في جامعة هارفارد الدكتور روث هوبارد كتبت مؤخراً كتاباً تنفي فيه الحتمية الجينية. وفي إحدى النتائج قالت إن العلماء بدأوا يعون حقيقة واحدة يمكن تأكيدها على الأقل، وهي أن الحمض النووي لا يكتب قدرك. وكذلك الرجلين اللذين يعود لهما أكبر الفضل في مشروع الجينوم البشري وهما فرانسيس كولن وكريج فينتر، كلاهما أشارا بأن اكتشافاتهما ألمحت إلى نهاية الحتمية الجينية. وقد أظهرت اكتشافاتهما حول الجينوم البشري ببطلان الحجة القائلة بوجود جين أو جينين مسؤولين عن السلوكيات البشرية المعقدة مثل الشذوذ أو الفصام.

 

وقد قال تشارلز مان في مقالة في مجلة العلوم (Science magazine): "لمرات ومرات، أدعى العلماء بوجود ارتباط بين جينات معينة أو مناطق صبغية (كروموسومية) وبين الصفات السلوكية، ولكنهم تراجعوا عن نتائجهم هذه بعد عدم نجاح تكرار النتائج. "ويا للأسف" هذا ما قاله دكتور جويل جيليرنتر من جامعة يال للطب "إنه من الصعب الحصول على نتائج عديدة تربط الجينات بالسلوكيات البشرية المعقدة ومن ثم تكرارها. ...كل تلك النتائج أًعلنت بحماسة، واستقبلتها الصحافة بثقة بالغة، ولكن الان كل تلك النتائج تحمل نظرة سلبية ومتشككة"."

 

كما أن العديد من المثليين أنفسهم يرفضون القول بأن المثلية سلوك مرتبط بالجينات. بإمكاننا اقتباس العديد منهم، دعوني أذكر بعضهم هنا. الناشط المثلي إدوارد شتاين والذي وضع كاتباً كاملاً يتحدث فيه عن هذا الموضوع، ولكم أن تقرأوا ماذا كتب:

" لا تستطيع الجنيات تحديد أي سلوك أو ظاهرة نفسية بذاتها مباشرة، ما يحصل هو أنها تساهم في توجيه نموذج معين من مُصنعات الحمض النووي، وبالتالي قد تؤثر في عملية تطور الميول النفسية والسلوكيات. وهناك بالأساس مسارات عديدة متداخلة بين الجينات وبين الميول النفسية والسلوكيات، بل وعدد أكبر من المتغيرات المتداخلة بين الجينات وبين الأنماط المتعلقة بعمليات التفكير والسلوك. لذا لا معنى حقيقي لمصطلحات مثل "الجين المثلي" أو "الجين الشاذ"... ولم يعرض أحد حتى الان أي دليل يدعم أي ارتباط مباشر بين الجينات والميول الجنسية.

 

وقد قال ناشط أسترالي مِثلي كلام مشابه عن الجينات والمثلية: "أظن أن فكرة ربط النشاطات الجنسية مع الجينات هو محض هراء، فلا يوجد دليل قاطع على ذلك حتى الان، ولا أرى تبني الناس لهذه الأفكار بفعل صحي. فهي تظهر رغبة برفع التهمة عنا أمام منتقدينا بالقول بأن الأمر خارج إرادتنا، ولكن ما حصدناه اليوم لم يكن عبر تقديم التنازلات للآخرين بل كان عبر المقاومة والتحدي. وأظن أن علينا ترغيب الناس بالمثلية، فهي نمط حياة رائع ويجب أن يكون مسموحاً للجميع بتجربته. ولكن إذا كنت تؤمن بأن نمط الحياة هذا هو بسبب الجينات فقط، فكيف سيكون لك تأثير إذن؟". وفي موضع آخر يصف حسب كلامه الموضوع كالآتي: " بخصوص ترغيب الناس لتجربة المثلية، فأنا بالطبع في صالح هذا الأمر، وأرى أن خيار المثلية كأسلوب حياة صالح بالكامل... وأنا كذلك حريص في دعوة الآخرين للمشاركة في نمط الحياة المِثلية."

أنظر في كتابي للمزيد من الاقتباسات وللاستعراض الكامل للوثائق بخصوص الموضوع. بالنهاية، العبرة من القصة هي ببساطة: لا تصدق كل شيء تجده في الإعلام، خصيصاً إذا كان متعلقاً بقضايا مثيرة للاختلاف والجدل مثل المَثلية.

 

رابط المقالة الأصلية:

https://billmuehlenberg.com/2019/08/31/media-bias-and-the-elusive-gay-gene/


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقالة: الصيني البشع

مقالة: كيف تموت القوانين