مقالة: الصيني البشع



Image result for china tradition dark side

بو يانغ هو الاسم المستعار لغو يى دونغ المولود عام 1920 والمتوفي في 2008 وهو كاتب تايواني مثير للجدل وُلد في مدينة كايفنغ في محافظة خنان الصينية، انتقل غو للعيش في تايوان في أواخر الأربعينيات من القرن العشرين وبدأ في كتابة مقالات تحت الاسم المستعار بو يانغ عن مشاكل تايوان الاجتماعية بشكل عام وعن سمات الشخصية الصينية، منحه نقده الحاد للفساد الاجتماعي والتمييز الطبقي سمعة دولية كرائد للنقد الاجتماعي في تايوان وبين المجتمعات الصينية خارج البلاد، التأثر بأسلوب "لو شون" كان واضحاً في أسلوب بو يانغ اللاذع, وكما حصل  مع "لو شون"، عرّض بو يانغ نفسه لغضب سلطات الحزب القومي، ولذلك أُعتقل في عام 1967 وسُجن لمدة عشرة سنين بتهمة الافتراء على القيادة والتواطؤ ضدها.

هذه المقتطفات المترجمة المأخوذة من ترجمة دون كون الإنجليزية للصيني البشع، كانت في الأصل عبارة عن خطاب ألقاه بو يانج في جامعة آيوا في الرابع عشر من سبتمبر عام 1984. ونُشر هذا الخطاب بعد ذلك في مجلة هونج كونج النصف شهرية باي شينج، وبالتالي أثارت معركة أقلام صغيرة النطاق بين قراء المجلة. أُضيفت في نهاية هذه الترجمة الموجزة للخطاب ترجمة لإحدى أكثر هذه الرسائل التي تلقتها المجلة سلبية في الرد على بو يانج.

ظهر الصيني البشع ككتاب في تايوان مع مقالات مُختارة لبو يانغ ورسائل للقراء، ونٌشر لاحقاً في الجمهورية الشعبية وأعيدت طباعته مرات عديدة، ولقد أصبحت مثل هذه الانتقادات المتكررة لسمات الشخصية الصينية من أواخر القرن التاسع عشر ذات شهرة في العقود الأخيرة.

Cover of a recent edition of The Ugly Chinaman, first published in 1985. Source: Wikimedia Commons
غلاف إحدى الطبعات الحديثة لكتاب
 الصيني البشع، المنشور بداية 1985.

مختصر خطاب بو يانغ:
لسنين عديدة كنت أفكر في كتابة كتاب عنوانه الصيني البشع، عندما نُشر كتاب الأمريكي البشع في الولايات المتحدة، اختارته وزارة الخارجية الأمريكية كمرشد لصنع القرارات السياسية، ولكن عندما نشر السفير الياباني للأرجنتين كتاب الياباني البشع تمت إزالته مباشرة من منصبه. هذا مثال جيد على التمايز الموجود بين الغرب والشرق. ولكن الحال في الصين قد تبدو أسوأ من ذلك بدرجة، فلو أنني كتبت كتاب بعنوان الصيني البشع، لكنت ستأتي لي بطعامي بعدها بقليل في السجن، لهذا السبب لم أكتب الكتاب وقتها، على الرغم من أنني كنت أتطلع لفرصة للحديث عن هذا الموضوع علناً لفترة طويلة.

كم من الصعب أن تكون صينياً
في بر الصين الرئيسي، أتت بعد الحملة المناهضة لليمين الثورة الثقافية، وهي كارثة مدمرة غير مسبوقة في تاريخ البشر. بالإضافة إلى الخسارة الكبيرة في الأرواح، تسببت الثورة الثقافية بأضرار لا تحصى عبر هدم القيم الإنسانية وتدنيس نبالة الروح البشرية، ودون ذلك مما لم يبقي الكثير ليفصل الإنسان لأن يكون كالوحوش. تلك السنين العشر من الدمار حولت الكثير من البشر إلى حيوانات. كيف لأمة انحطت أخلاقها لهذه المستوى أن تستعيد كرامتها؟ ...

الجميع يتحدث عن مسألة هونغ كونغ في هذه الأيام، عندما تُنتزع قطعة من بلد ما عنوة فهذا دوماُ ما يُعتبر مدعاة للعار، وعندما تُستعاد هذه القطعة أخيراً إلى مالكها الشرعي (كطفل يعود إلى حضن أمه) يُشعل الحدث الاحتفالات لدى كل الطرفين. لابد أنك قد سمعت عن تنازل فرنسا عن أراضي الألزاس واللورين لألمانيا، كانت خسارة هاته الولايتين بمثابة جرح كبير لفرنسا، واستعادتهما لاحقاُ سببت فرحة كبيرة لها. أما في هونغ كونغ، فما إن وصلت الأخبار بأن المنطقة ستعود إلى مالكها الأصلي حتى فزع الجميع. كيف لك أن تفسر الأمر؟ في تايوان هناك عدد من الشباب (التايوانيون الأصل واللاجئين) يدعمون فكرة وجود تايوان مستقلة، يُطلق على هذه الحركة حركة استقلال تايوان. أتذكر قبل ثلاثين سنة عندما استعادت الصين تايوان من اليابان، كنا جميعاً فرحون، كان وكأنما الطفل الضائع قد وجد طريقه نحو ذراعي أمه. ولكن بعد ثلاثين سنة، ما الذي غير ما في القلوب يا ترى، ما سبب رغبة هذا الطفل في مغادرة الوطن ومحاولة أن يستقل مرة أخرى؟ يتشارك الصينيون نفس الدم ونفس المظهر الشكلي ونفس الأصل والثقافة ونفس اللغة المكتوبة والمنطوقة، فقط ما يفصلهم هو اختلاف المناطق الجغرافية. إذن لماذا تحولت الحال اليوم إلى ما هو عليه؟

ستجد هذه المهزلة حتى بين الصينيين المتواجدين في الولايات المتحدة حيث لا يجد اليساريون ولا اليمينيون ولا المعتدلون ولا المستقلون ولا اليساريون المنحازون للاعتدال ولا المعتدلون المنحازين لليسار ولا المعتدلون المنحازون لليمين ولا اليمينيون المنحازون للاعتدال أي تفاهم مشترك وتراهم دوماً في خلاف. بماذا يخبرك هذا عن الشعب الصيني؟ بل بماذا يخبرك هذا عن الصين نفسها؟ لا توجد أمة أخرى غير الصين لها هذا التاريخ العريق جداً أو هذه التقاليد الثقافية المحفوظة، تقاليد قد أحيت في الماضي هذه الحضارة المتقدمة جدا. لا يحمل أي من الإغريق أو المصريون اليوم أي علاقة مع أسلافهم القدماء، بينما الشعب الصيني اليوم هو الأحفاد المباشرون للصينيين القدماء. كيف أمكن لهذا الشعب العظيم أن ينحط إلى هذه الدرجة من البشاعة؟ على مر التاريخ، لم نكن نخاف من الأجانب فقط، بل ما هو أسوأ، لعدة قرون كنا نخاف من أشخاص من بني جلدتنا، ابتداءا بالأباطرة الطغاة إلى المسؤولين الاستبداديين والجماهير التي لا ترحم.

الصينيون متشابهون في كل مكان
أمضيت وقت طويل خلال فترة سجني في التفكر في مصيري. ما هي الجريمة التي اقترفتها؟ أي قانون يا ترى خرقته؟ استمريت في التأمل في هذه الأسئلة بعد خروجي من السجن وبدأت أتساءل عن ما إن كانت قضيتي شاذة أو استثنائية عن غيري. في رحلتي هذه لولاية آيوا حيث تمكنت من الاتقاء بعدة كتاب من القارة الصينية، اكتشفت عندها أن الرب قدر للأشخاص الذين مثلي بأن يُسجنوا، سواء كان هذا السجن في تايوان أو في القارة الصينية. أخبروني هؤلاء الكتاب من القارة الصينية بأن "شخص مثلك لم يكن لينجوا من الحرس الأحمر أو الثورة الثقافية، بل أنت محظوظ جدا لأنك نجوت من الحملة المناهضة لليمين". لماذا على أي مواطن صيني لديه الشجاعة ليتحدث ذرة حقيقة أن يواجه مثل هذا المصير؟ سألت عددا من الأشخاص من القارة الصينية عن سبب دخولهم السجن, فكانت إجاباتهم دائما "لأننا قلنا الحقيقة", وهكذا تجري الأمور. ولكن لماذا يا ترى يؤدي قول الحق إلى مثل هذه النتيجة التعيسة؟ إجابتي هي أن هذه المشكلة لا يعود سببهاً إلى شخص بعينه بل تعود إلى الثقافة الصينية ككل. خضت قبل عدة أيام حديثاً مع سكرتير حزب اتحاد كتاب القارة الصينية، ولقد جعلي حرفياً لا أنطق من الغضب. كنت أظن أني أستطيع كبح جماح غضبي عند الحوار، ولكن هذا الشخص بالتحديد أثار كامل غضبي. رغم هذا فأنا لا ألومه، وكذلك لا ألوم العملاء الذين تولوا قضيتي في مدينة تايبيه. فلو قُدر لك أن تعيش في تلك البيئة وتأقلمت مع طرقها وأساليبها فلسوف تقلد في أغلب الظن تصرفاتهم، لأنك ستعتقد أن ما تقوم به هو الصواب. ولكنت سأفعل أنا نفس الشيء نفسه، مع أني في الغالب سأكون أكثر بغضاً من سكرتير الحزب ذاك. غالباً ما أسمع الناس تقول "مستقبلك هو بين يديك"، بما أنني عشت أفضل أيام حياتي فلم أعد أصدق هذه العبارة، في الواقع الأصح هو أن أقول أن نصف حياتك هي في يدك، بينما النصف الآخر بيد الآخرين.

عدم القدرة على الاعتراف بالخطأ
إن عدم قدرة الصينيين على التعاون فيما بينهم وميلهم إلى التخاصم هي من الصفات الضارة والمتأصلة فيهم. أنماط السلوكيات هذه لم تأتي من أي ضعف متأصل في مبادئ الصينيين الأخلاقية، بل أتت من فيروس عُصابي سمم الثقافة الصينية وجعل من المستحيل علينا التصرف في عدة مواقف بأي شكل من الأشكال. ربما نكون على علم بحقيقة أننا نتصارع مع بعضنا البعض، ولكن إيقاف هذا الصراع هو خارج سيطرتنا. "لو انكسر الإناء فلن يبقى لأي أحد شيء يأكل منه، ولكن لو سقطت السماء فسيكون هنالك دوماً شخص طويل بما فيه الكفاية كي يمنع سقوطهاً علي"، مثل هذه النزعة نحو الصراع الداخلي مرتبطة مع الإحجام الرهيب عن الاعتراف بالخطأ...

يواجه الصينيون صعوبة في الاعتراف بأخطائهم، ويقومون بخلق مئات الأسباب لتغطيتها. هناك مثل سائر قديم يقول:" راجع الأخطاء خلف الأبواب المغلقة". ولكن أخطاء من يا ترى؟ بالطبع ستكون أخطاء جارك! عندما كنت أقوم بالتدريس أمرت طلابي بأن يحتفظوا بمذكرات أسبوعية حيث يجب عليهم تسجيل سلوكياتهم فيها خلال الأسبوع. النتائج كانت بشكل متكرر كالآتي: "خدعي اليوم فلان، كنت طيباً معه جدا في أمور كثيرة، لابد أن السبب كوني شخص صادق وواضح". ولكن فلان الآخر قال أيضا في مذكراته أنه يرى نفسه شخص صادق وواضح. إذا كان كل منا يرى نفسه الشخص الصادق والواضح فمن يتبقى إذن ليكون الشخص الغير صادق؟ لا يعترف الصينيون بأخطائهم لأنهم فقدوا هذه القدرة في مرحلة ما من تاريخهم. قد لا نعترف بأخطائنا ولكنها لا تزال موجودة معنا، ومحاولة نكرانها لا تجعلها تختفي من الوجود. يبذل الصينيون جهد كبير في تغطية أخطائهم، وهذه المحاولة لا تُساهم إلا في تزايد هذه الأخطاء. لذا دوماً ما يقال إن الصينيون مدمنون على التبجح والتفاخر والكذب والمراوغة والافتراء على الغير. درج الناس في الصين لسنين على الحديث عن عظمة شعب الهان الصيني، حتى أنهم لا يتوقفون عن التفاخر بأنه يجب تصدير التراث الصيني الثقافي للعالم أجمع. مثل هذه الأحلام لن تتحقق أبدا والسبب في ذلك أنها مجرد مكابرة فارغة. لست في حاجة لتقديم أية أمثلة للمفاخرات والأكاذيب الموجودة، ولكن العنف اللفظي لدى الصينين خاصة يستحق الاستشهاد به. حتى في غرف النوم حيث يتودد الأزواج الغربيون لأزواجهم بحبيبي أو يا روحي، يفضل الصينيون التودد بمثل "أتمنى لك أن تتقطع لألف قطعة". وفي قضايا السياسة والمال أو محاولة الصراع على أي سلطة، يصبح العنف غير محتمل على الإطلاق. وهنا يُطرح سؤال آخر: ما الذي يجعل الصينين قاسين جدا وبدائيين؟

يقول لي الكثير من الغربيون "يصعب عليناً التعرف على الشعب الصيني، أنت لا تدري حقاً ما الذي يفكرون به". فيكون ردي لهم "تعتقدون أن هذه مشكلتكم وحدكم فقط؟ عندما يتحدث صيني مع آخر، يكاد يكون من المستحيل معرفة ما الذي يجري". إحدى طرق التواصل التي تكون في مثل هذه المواقف هي مراقبة أدنى حركات وتعبيرات الوجه والمضي في تجنب النقاط الرئيسية قدر الإمكان. قد تسأل شخص ما "هل أكلت طعاماً؟" فتأتيك الإجابة بنعم، بينما هذا الشخص في الحقيقة يتضور جوعاً، حتى أنك تستطيع أن تسمع بطنه يقرقر.

عالقون في وحل المفاخرة والتبجح
تؤدي سطحية التفكير وفقدان الشعور بالإيثار إلى شخصية غير متزنة تترنح باستمرار ما بين نقيضين اثنين. الأول شعور مزمن بنقص الذات والآخر غطرسة مفرطة. أثناء شعوره بعقدة النقص، يتحول الفرد الصيني لعبد، أما أثناء غطرسته، فيتحول إلى طاغية. ونادراً ما تراهم يملكون حس طبيعي من احترام النفس. ففي حالة النقص الذاتي يصبح الغير أفضل منه، وكلما تقرب أكثر من أصحاب النفوذ تصبح ابتسامته أكثر اتساعاً. وبشكل مشابه في حالة الغطرسة، لا يصبح هناك على سطح الوسيعة بالنسبة له من يستحق الاحترام أو التقدير. نتيجة هذين النقيضين هو مخلوق مشوه منفصم الشخصية.

أُمة مُكابرة
بالنظر إلى المثل القائل: " الأوعية الصغيرة سهل ملئُها"، ما الذي يا ترى يجعل الصينيون ميّالون لتضخيم أنفسهم؟ إنه بسبب تأصل سطحية التفكير والغطرسة في الصينين، حتى أقل الإنجازات تُعتبر إنجاز ساحق بالنسبة لهم. لا بئس في وجود فئة صغيرة بين الشعب تفكر بهذه الطريقة، ولكن أن يكون جميع أفراد الشعب بهذا الشكل (وتحديداً في بلد مثل الصين) فهذا يؤدي إلى مصائب وخيمة. ومنذ أن كان الصينيون يبدون وكأنهم لم يحصلوا على القدر الكافي من احترام النفس، فإنه يصعب عليهم جدا معاملة الآخرين بالمِثل:" إن لم تكن سيدي فأنت إذن خادمي". إن مثل من يفكر بهذه الطريقة ستكون تصرفاته ضيقة الأفق تجاه العالم وسيرفض الاعتراف بأخطائه.

فقط الصينيون وحدهم بإمكانهم تغير أنفسهم
مع وجود هذه الصفات البغيضة، يبقى الوحيد القادر على إصلاحها هم الصينيون أنفسهم. هناك واجب يقع على كاهل الأجانب لمساعدتنا، ليس على الصعيد الاقتصادي بل من خلال الثقافة. إن سفينة الأمة الصينية كبيرة جدا ومزدحمة بحيث أنها لو غرقت لأغرقت معها الكثير من غير الصينيين أيضا.

نقطة أخيرة: إن الصين دولة مكتظة سكانياً. بإمكان أفواه الصينيون المتجاوزة للمليار ابتلاع جبال الهملايا بسهولة. هذا عليه أن يذكرنا بأن مشاكل الصين معقدة وتستدعي انتباه جميع الصينيين أفراداً وجماعات. كل واحد منا عليه أن يصبح حكم حصيف يفرق بين الخطأ والصواب، وعلينا جميعاً كذلك بذل جهودنا لاختبار وتقييم أنفسنا وأصدقائنا وقادة دولتنا. هذا باعتقادي، هو المخرج الوحيد للشعب الصيني.

بناء حس الحُكم لدى الفرد
خلال الأربعة ألاف سنة الماضية، أخرجت لنا الصين مفكر عظيم واحد وهو كونفوشيوس. وفي الألفين سنة ونص من بعد وفاته، لم يُنتج المُثقفين الصينيون سوى حواشي للنظريات التي طرحها كونفوشيوس وتلاميذه، ونادرا ما ساهموا بإضافة آراء مستقلة، وهذا ببساطة لأن التراث الصيني لم يكن يسمح بمثل هذه الاجتهادات. كانت عقول المثقفون الصينيون عالقة في باطن بركة راكدة فكرياً، وكأنها صلصلة صويا في وعاء الثقافة الصينية. بينما تبدأ مكونات هذا الوعاء بالتعفن، يكون الصينيون قد شربوا هذا المكون الفاسد. ومنذ أن كان العامة الذين يمارسون التفكير غير قادرين على حل المشاكل الكبيرة في هذا الوعاء العميق كان على المثقفين القيام بهذه المهمة باتباع طرق تفكير أخرى. لو كان على أحد ما وضع خوخة نقية في وعاء صلصلة صويا مليئة بملح متعفن، فسوف تتحول في النهاية إلى روث جاف.
لدى الصين طريقتها الخاصة في تحويل الأشياء والأفكار الأجنبية إلى حيزها، فلو قال أحدهم إن لدينا ديموقراطية، فسنقول له نحن كذلك لدينا ديموقراطية. ولكن فكرة الديموقراطية الصينية تقول: أنتم تملكون الشعب (demos) وأنا أملك السلطة (kratos). لديك النظام القانوني؟ نحن أيضا لدينا واحد. لديكم الحرية؟ هي عندنا كذلك. كل ما هو عندكم موجود عندنا. هل لديكم شوارع مرسوم عليها خطوط للمشاة؟ هي لدينا كذلك، ولكن خطوط المشاة لدينا وُضعت لتُسهل للسيارات دهس المشاة.

المخرج الوحيد لإصلاح حالة الصيني البشع هي بأن يقوم الجميع بتحسين ذوقنا وطريقة حُكمنا على الأشياء. لو كنا مثلا ً مُمثلون رديؤون، فعلى الأقل سنستمتع بالذهاب إلى المسرحية. أولئك الذين لا يفهمون ما الذي يجري على المسرح بإمكانهم الاستمتاع بالموسيقى أو الإضاءة أو الأزياء والديكور، بينما الذين يفهمون ما الذي يجري يُقدرون الدراما المسرحية كشكل من أشكال الفن. إن القدرة على تمييز الأشياء هي إنجاز عظيم في حد ذاته.
...حريتي هي ملكي ولدي حقوقي سواء أعطتني إياها حكومتي أم لا. إذا كانت لدينا القدرة على صنع الحكم المناسب فسوف نطالب بانتخابات وسوف نكون صارمين في اختيارنا للمرشحين. ولكن من دون هذه القدرة فلن نتمكن من تمييز امرأة جميلة من عجوز شمطاء مليئة بالبثور.



إحدى الرسائل في الرد على بو يانغ:
صيني واحد بشع
كتبه: وانغ يلينغ
أنا مواطن صيني وأدري بلا شك أن لدي أخطاء وعيوب كثيرة، ولكني رغم ذلك لست "الصيني البشع" ولست أُأيد اتهام جميع الصينيون بأنهم بشعون. لا أدري إن كان بو يانغ لا يزال يعتبر نفسه صيني حتى الأن أم لا، ولكن إذا كان لا يزال يعتبر نفسه صيني فله الحق في أن يعتبر نفسه بشع، ولكن ليس من حقه أن يضم معه الجميع في هذا الاتهام.

أنا مختلف تماماً مع الفكرة الأساسية وحجج فكرة "الصيني البشع"، مع ذلك لا أنفي وجود شيء من الصحة في بعض نقاط هذا الخطاب. هناك بعض الأمور التي قالها بو يانغ صحيحة، أحدها مثلا أنه قال " إن الشعب الصيني واحد أذكى المجتمعات في العالم...".

يثير هذا الخطاب تساءل مهم، ما هو البشع فعلاً في الصينيين؟ يلاحظ أن بو يانغ يركز كثيراً على هذه المسألة، حيث أنه يهذي كثيراً في كلامه ويستشهد بأمثلة كثيرة في محاولته لإثبات أن الصينيون "قذرون وفوضويون ومزعجون ومفتعلون للمشاكل".
أنا متأكد أن بو يانغ ليس من الأشخاص الذي يفترون على الناس، وحتى لو كان محقاً فيماً يقول، فما الذي يضيفه كلامه؟ أين في هذا العالم توجد أمة أو دولة خالية من الضجيج أو النزاعات؟ أليس الهيبيز الأمريكان قذرون؟ أليس نظام قطار أنفاق نيويورك فوضوي؟ هل السياسيون في أمريكا أو أوروبا أو اليابان خالون من النقاشات الصاخبة أو الصراعات المخزية؟ بل هل يوجد في أي مكان في العالم بشر لا يتعاركون مع بعضهم البعض؟ وفقاً لمنطق بو يانغ، يجب عليناً الحديث عن بشاعة الإنسان وليس فقط عن الصيني البشع.

لماذا يقوم كاتب بارع يدّعي دوماً بأنه يحب وطنه وشعبه باستخدام أدلة غير مترابطة ومشبوهة ليفتري بها على أبناء وطنه؟ حقيقة الأمر هي أن لدى بو يانغ صورة مشوهة للتقاليد الصينية، وهذه التصورات الخاطئة قادته للضياع. ربما هو نفسه قد سقط في وعاء صلصلة الصويا الذي شوهه في مقتبل حديثه؟ فيبدو أن جرثومة الوعاء السامة قد شوشت ذهنه وشلت أعصابه.

عالم الثقافة الصينية واسع وعميق، فيه سيجد الواحد أمثلة كثيرة لحكومات خيرة وطالحة، سيجد أيضا إنسانية وعدالة وفضيلة. هناك أيضا لصوص وعاهرات، صدق ونزاهة، هي مثل فكرة "الرياح والزهور والثلوج والقمر" لدى الأدباء القدماء. جميع هذه المفاهيم صُقلت لحد الكمال، إنه عالم يجد فيه الجميع ضالته.

هناك بالطبع مجاري صرف صحي في الثقافة الصينية، بجانب "وعاء صلصلة الصويا" المُلوث. عندما يأتي شخص ويستعمل القذارة التي أخرجها من المجاري كدليل على أن الثقافة الصينية بكاملها مجاري سامة فهو يُظهر دون أن يُدرك أنه شخص مقرف بشكل لا يمكن إصلاحه، بينما لا يُنقص ذلك من عظمة الصين مثقال ذرة.

... الأمر كله يعتمد على ماذا تنوي البحث عنه عندما تُقلب في الجسد الصيني. ثقافة الصين يُمكن أن تُستخدم كعلاج وشفاء ويمكن كذلك أن تُستعمل للقتل، بل أنها يمكن أن تكون أداة للانتحار. من السهل لأي شخص يميل للتحيزات أن يجد عالم الثقافة الصينية طافح في سطحه بمثل "وعاء صلصة الصويا" وبالجراثيم...

لا يحاول بو يانغ التحدث عن التسعة سنين التي قضاها في السجن. بل إنه يتصرف وكأن هذه السنين أعطته أحقية خاصة ليستمر فيما يقوم به...

لألخص ما قلته، الصينيون ليسوا بالضرورة بشعون، ولكننا لا نخلوا من وجود حقراء خسيسون بيننا.

المصدر:
https://www.thechinastory.org/yearbooks/yearbook-2013/forum-counting-and-corruption/the-ugly-chinaman/

ملاحظة: هذه المقالة لا تعكس توجه المترجم بالضرورة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقالة: كيف تموت القوانين

مقالة: الإعلام المتحيز والجين المثلي صعب المنال